أجمل صور متحركة .. لا اتطوفكم صور روعه

السبت، سبتمبر 04، 2010

الأمراض القديمة تستعد للهجوم ذوبان الجليد يعيد رسم خريطة الأمـراض فــي العالم

علاء حجاب

لاتندهش إذا علمت أن الملاريا ظهرت في إيطاليا وأن السل ينتشر في روسيا، وحتي الدرن وغيره من الأمراض الاستوائية تتسلل إلي المواطنين في دول أوروبية متقدمة طبيا وعلميا مثل ألمانيا وأسبانيا، فتلك الأمراض التي أصبحت منذ فترة طويلة صيدا سهلا للأطباء والمتخصصين، عادت لتهاجم البشرية مجددا ولكن بصورة أقوي هذه المرة بعد أن تشبعت الفيروسات المسببة لها بمضادات للإسهال والأدوية الحالية التي كانت تقضي عليها .. الكل اتفق علي أن الطبيعة تتحدي الإنسان وأنها السبب فيماحدث من تحور لتلك الأمراض بفعل هذه المشكلة الخطيرة المسماه ب » الاحتباس الحراري « والتي أدت مؤخرا لحدوث انفصال جليدي يعادل في مساحته ولاية نيوجيرسي الأمريكية، وجعل العالم كله يتأهب مرعوبا لاستقبال الهجمات الشرسة لتلك الأمراض القديمة في ثوبها الجديد الذي لايجدي معه الأدوية والمضادات الحالية التي كانت تقضي عليها في الماضي .
وتعالت صرخات منظمة الصحة العالمية من عودة أمراض مثل السل والطاعون والملاريا بسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض، وتوالت نداءات المنظمة الدولية بضرورة خفض الانبعاثات الغازية، وخصت تحذيرات الصحة العالمية الدول النامية وشمال أفريقيا ومنها مصر بأنها ستكون من أكثر مناطق العالم تأثرا بالأمراض العائدة مع ظهور أنماط مرضية جديدة .
التحذيرات لم تكن مجرد توقعات ولكنها جاءت بناء علي حقائق أكدتها أجهزة دولية تعمل علي رصد تأثيرات الاحتباس الحراري علي صحة الإنسان وخريطة الأمراض العالمية، وجاءت النتائج لتؤكد ظهور الملاريا في بعض مناطق إيطاليا الجنوبية وظهور أمراض استوائية في عدد من الدول الأوروبية لأول مرة في ألمانيا وأسبانيا وهذه الأمراض تسببها طفيليات وتنتقل عن طريق الذباب وهي أنماط مرضية لم تكن موجودة من قبل في هذه الدول، ومؤخرا ظهر نوع جديد من السل مقاوم للأدوية في روسيا وهو ما يدق ناقوس الخطر بعودة الأمراض القديمة في ثوب جديد مقاوم للإجراءات الوقائية للقضاء عليه .
أضرار علي البيئة والإنسان
الدكتورة أمل سعد أستاذ صحة البيئة والطب الوقائي بالمركز القومي للبحوث قالت إن التغييرات المناخية لا تقتصر تأثيراتها علي البيئة فقط بل تمتد هذه الأضرار لصحة الإنسان بداية من ضربة الشمس والإجهاد السريع وينتج عنه قلة إنتاجية الفرد مرورا بأمراض القلب وزيادة الإصابة بها، كما يؤدي ارتفاع الحرارة والرطوبة وقلة نشاط الرياح إلي انتشار الأمراض التنفسية مثل الحساسية والربو بالإضافة إلي زيادة الأمراض الخطيرة مثل الملاريا والدرن .
وأضافت أن ارتفاع درجات الحرارة من شأنه أن يؤدي إلي كثرة الإصابة بالأمراض السرطانية خاصة الجلدية نتيجة زيادة التعرض للأشعة فوق البنفسجية بعد وصولها إلي الأرض كرد فعل للتأثيرات الضارة التي لحقت بطبقة الأوزون وأكدت أن ارتفاع درجات الحرارة من شأنه أن يؤدي إلي عودة انتشار الأمراض التي اختفت أو تراجع انتشارها في العديد من الدول خاصة التي تنتشر عن طريق الحشرات مثل الملاريا والدرن، بالإضافة لانتشار البلهارسيا التي يكثر تواجدها في المناطق الحارة .
سلبيات ارتفاع الحرارة
أما عن مستوي الانبعاثات الحرارية الغازية المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري فيقول الدكتور علي قطب الخبير في الأرصاد الجوية إن النتائج الدولية أكدت أن نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو وهو المسبب لظاهرة الاحتباس الحراري ارتفعت إلي 380 جزءا بالمليون بعد أن كان 272 جزءا بالمليون قبل الثورة الصناعية وهو ماأدي إلي ارتفاع درجة حرارة الأرض درجتين كاملتين مقارنة بما قبل الثورة الصناعية .. هذه الزيادة في درجات الحرارة لها عوامل سلبية كثيرة منها قتل الكثير من الزراعات وهو ماينتج عنه انخفاض الإنتاج العالمي للغذاء ويدفع كوكب الأرض إلي مجاعات مدمرة بالإضافة إلي تعرض أكثر من ملياري شخص لنقص المياه وانتشار مرض الملاريا في أفريقيا وشمال أمريكا .
تغير خريطة الأمراض الدولية هو ماأكده الدكتور فتحي عبدالوهاب أستاذ الأمراض المعدية بجامعة القاهرة وذلك كنتيجة فورية لارتفاع حرارة الأرض ومنها فيروس » انسفيلاتيس « المعروب بالتهاب الدماغ والذي ينتشر بارتفاع درجة الحرارة وقد تزايدت الإصابة به منذ عام 1995 .. وقال إن الكثير من أمراض القارة الأفريقية الحارة انتقلت إلي جنوب القارة الأوروبية وهي أنماط مرضية لم تكن موجودة قبل ذلك .. أما لدينا في مصر فمن المنتظر أن نكون ضمن المرحلة الثانية للدول التي سيصيبها أضرار ارتفاع حرارة الأرض خاصة فيما يخص الأمراض، لأن مصر دولة شبه حارة بمعني أنه توجد أمراض الدول الحارة ولكنها سترتفع خلال السنوات القادمة، وهو ما يؤكد أن العالم مقبل علي موجة من الأمراض القديمة ولكن بصورة شرسة أما المشكلة فهي أن كثيرا من الدول، منها مصر بنيتها الصحية ضعيفة سوف تتأثر بشدة من هجوم الأمراض ولن تكون قادرة علي صد الهجوم وإذا لم تتخذ التدابير المطلوبة .
آثار كارثية
وقال إن التقرير الأخير للأمم المتحدة يتوقع ارتفاع درجة حرارة الأرض بمعدل 3 درجات إلي 4 درجات في بعض الدول بحلول عام 2050 وهو ما يشكل زيادة غير طبيعية لحرارة الأرض وهو ما سيؤدي لآثار كارثية وارتفاع معدل منسوب مياه البحر ما بين 34 و 52 سم ويتوقع انخفاض مقدار النمو الاقتصادي وزيادة انتشار الامراض، إلا أن هناك كثيرا من الدول مازالت تقف محلك سر دون اتخاذ أي تدابير صحية ومنها مصر .
نراقب الأحداث
أما عن الموقف الرسمي فيقول الدكتور عبدالحميد أباظة مساعد وزير الصحة إن دول العالم الثالث وبعض الدول المتقدمة ليس لديها خطة متكاملة وحقيقية لمواجهة التداعيات البيئية والجغرافية والصحية لظاهرة الاحتباس الحراري وهو ما سيجعل تأثرها شديدا بهذه الظواهر .
وأكد أن وزارة الصحة ليست قادرة وحدها علي الاستعداد لتداعيات الاحتباس الحراري هو مايجب أن يتم تشكيل مجموعة وزارية تعمل علي ذلك وليس وزارة الصحة فقط فإدارة الطب الوقائي ترصد الاحتباس الحراري وأثره علي الصحة ولم يظهر في مصر حتي الآن مؤشرات مقلقة علي تغيرات الأنماط المرضية .
وعن التحذيرات الدولية قال إن تجربة إنفلونزا الخنازير وتضخيم منظمة الصحة العالمية للمسألة والموقف الشجاع والعلمي للدكتور حاتم الجبلي بالتعامل الحذر اعطتنا درسا مهما في التعامل مع التحذيرات ا لدولية وعدم الانسياق الأعمي وراء الآخرين، ولكن علينا أن نراقب الأحداث دائما وخاصة مانقوم به من متابعة الموقف الصحي للدول المجاورة، لكن حاليا مازالت الأمراض بعيدة عن محيطنا الإقليمي .
وتوقع أن مصر خلال 5 سنوات قادمة ستطولها الآثار الناجمة عن الاحتباس الحراري مشيرا إلي أمراض ستبدأ في الظهور مثل الدرن والسل والملاريا والديفتريا وارتفاع الاصابة بالسكر والضغط والأورام وأمراض الكبد لأن التغير المناخي في حرارة الجو والرطوبة تؤثر جدا علي نشاط الفيروسات وتكاثرها خاصة الكبدية والخنازير والطيور .